اضطرابات في سوق النفط الأوروبية وسط تراجع الأسعار وإغلاقات المصافي

شهدت أسعار النفط الأوروبية تراجعًا ملحوظًا إلى أدنى مستوياتها منذ عدة أشهر، متأثرة بإغلاق عدد من المصافي لإجراء الصيانات الدورية. مما زاد من الضغوط على السوق التي فقدت معظم مكاسبها منذ بداية العام.

وتزامن هذا الانخفاض في أسعار النفط الأوروبية مع تراجع الطلب على النفط الخفيف في شمال غرب أوروبا، حيث أثر توقف طاقة تكرير تبلغ 720 ألف برميل يوميًا على استهلاك الخام، في ظل توقعات بمزيد من التراجع خلال الأسابيع المقبلة.

انخفاضات حادة في أسعار النفط الأوروبية

امتدت موجة التراجع من بحر الشمال إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث هبطت أسعار النفط الكازاخستاني إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عامين. بينما تراجع نفط فورتيس البريطاني – الذي يُستخدم كمرجع لتحديد الأسعار العالمية – إلى أدنى مستوياته منذ مايو الماضي. كما فقد النفط الأميركي المُوجه إلى أوروبا جزءًا كبيرًا من قيمته. متأثرًا بتراجع الطلب وارتفاع المعروض.

ويرجع ضعف الأسعار إلى مزيج من العوامل، من بينها الاضطرابات غير المتوقعة في المصافي. إلى جانب دخول موسم الصيانة الذي يبدأ عادةً في مارس، ما يحدّ من قدرة المصافي على استيعاب الخام. ووفقًا لبيانات “بلومبرغ”، فإن عدة منشآت تكريرية في المنطقة. لا سيما في اسكتلندا وألمانيا، تواجه إغلاقات دائمة أو تقليصًا في طاقتها الإنتاجية، ما يفاقم الضغوط على السوق.

تراجع العقود الآجلة وزيادة المعروض

على الرغم من استمرار القلق بشأن الإمدادات القادمة من روسيا وإيران، فإن الأسواق الأوروبية ومنطقة الأطلسي لم تشهد تهديدات مماثلة. حيث ساهم ارتفاع الإنتاج في بحر الشمال والمتوسط في زيادة المعروض. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الكازاخستاني بمقدار 300 ألف برميل يوميًا بعد توسيع حقل “تنغيز” بقيادة “شيفرون”. في حين تستعد “إكوينور” النرويجية لبدء تشغيل حقل “يوهان كاستبرغ”. مما سيضيف أكثر من 100 ألف برميل يوميًا إلى السوق.

وفي ظل هذه المعطيات، تخلّت العقود الآجلة لخام برنت عن معظم مكاسبها التي حققتها منذ بداية العام، بعد أن تجاوزت حاجز 80 دولارًا للبرميل الشهر الماضي. وشهدت العقود قصيرة الأجل لخام برنت أدنى علاوة لها منذ خمسة أسابيع. مما يعكس توقعات أكثر ضعفًا للسوق. كما أظهرت عقود المقايضات المرتبطة بخام بحر الشمال أضعف أداء صعودي لها منذ بداية العام، وهو ما يعكس استمرار الضغوط البيعية على الخام الأوروبي.

القدرات التكريرية تحت الضغط

تعاني السوق النفطية الأوروبية من ضغوط طويلة الأجل نتيجة تقلّص طاقة التكرير. حيث تستعد “بتروينيوس” لإغلاق مصفاة “غرانغموث” خلال الربع الثاني من العام، بينما تعمل “شل” على تقليص قدرة المعالجة في إحدى مصافيها بألمانيا. ومع تراجع قاعدة العملاء التقليدية للنفط الخفيف في حوض الأطلسي، تتزايد التوقعات باستمرار الضغوط على هذه الفئة من الخامات، خاصة مع دخول المصافي في موسم الصيانة.

المخاوف تتزايد حول مستقبل السوق

وفقًا للمحللين، فإن التأثير التراكمي لإغلاق المصافي وتراجع الطلب سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على أسعار الخام، ما لم يشهد السوق تحولًا مفاجئًا في مستويات الاستهلاك أو اضطرابات غير متوقعة في الإمدادات العالمية. وقال بريان ليسين، المحلل لدى “آر بي سي كابيتال ماركتس”، إن “نمو الإنتاج العالمي يتركز حاليًا في النفط الخفيف، في حين أن الطلب في الأسواق التقليدية آخذ في التراجع. وبالتالي، ستظل أسعار هذا النوع من الخام تحت الضغط خلال الفترة المقبلة”.