الجزائر

سماء صافية °C 22

زبدي ومعنصر لـ”تادامسا نيوز”: الفوترة الشهرية بين التخفيف والمخاوف

في خطوة لاقت اهتمامًا واسعًا، تقدم النائب البرلماني محمد السعيد معنصر بمقترح يدعو إلى الانتقال من نظام الدفع الثلاثي لفواتير الكهرباء والغاز إلى نظام الفوترة الشهرية، معتبرًا أن هذا التعديل سيمنح المواطنين قدرة أكبر على التحكم في نفقاتهم، ويجنبهم الوقوع في الشرائح الاستهلاكية الأعلى التي تؤدي إلى ارتفاع الفواتير بشكل ملحوظ.

فاتورة سونلغاز
فاتورة سونلغاز

وأكد النائب أن الوضع الحالي، الذي يفرض على المستهلكين دفع فواتير تراكمية كل ثلاثة أشهر، يشكل عبئًا ماليًا على العديد من الأسر، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، مضيفًا أن التحول إلى نظام الدفع الشهري سيسمح بتوزيع الاستهلاك على فترات متساوية، ما يساعد المواطنين على إدارة ميزانياتهم بمرونة أكبر. كما أوضح أن هذا التعديل لن يكون فقط في مصلحة المستهلك، بل سيساعد أيضًا سونلغاز على تحسين عملية التحصيل وضمان تدفق مالي أكثر استقرارًا.

وزير الطاقة يرد: النظام قيد الدراسة

وفي معرض رده على سؤال النائب، أكد وزير الطاقة محمد عرقاب أن شركة سونلغاز بصدد دراسة إمكانية الانتقال إلى نظام الفوترة الشهرية. وذلك في إطار جهودها الرامية إلى تحسين عملية تحصيل الرسوم وتقديم خدمات أكثر مرونة للمستهلكين.

وأشار الرد إلى أن التعريفة الحالية للكهرباء والغاز، المعتمدة منذ عام 2016، تقوم على نظام الشرائح الأربع. حيث يتم احتساب الأسعار بناءً على الاستهلاك الإجمالي للمشترك. كما شدد على أن أي تعديل في الأسعار أو نظام الدفع يخضع لموافقة لجنة ضبط الكهرباء والغاز، التي لم تقم بمراجعة الأسعار منذ عام 2015.

وأضاف أن سونلغاز تسعى باستمرار إلى تطوير خدماتها وتحسين علاقتها مع المشتركين. لكن أي تغيير في طريقة الدفع يجب أن يتم بناءً على دراسة معمقة تراعي مصلحة المواطن وتضمن في الوقت نفسه استمرارية الخدمات دون المساس بالتوازن المالي للقطاع.

النائب البرلماني محمد السعيد معنصر
النائب البرلماني محمد السعيد معنصر
النائب معنصر لـ”تادامسا نيوز”: الفوترة الشهرية ستخفف العبء على المواطنين وتحسن أداء سونلغاز

في تصريح لـ”تادامسا نيوز”، أكد النائب محمد السعيد معنصر أن مقترحه يهدف إلى خلق نظام فوترة أكثر عدالة، يمكن المواطنين من التحكم في استهلاكهم الشهري دون أن يجدوا أنفسهم فجأة أمام فواتير مرتفعة نتيجة تراكم الاستهلاك على مدار ثلاثة أشهر.

وأوضح النائب أن العديد من المشتركين يتفاجأون عند استلامهم الفواتير الثلاثية بارتفاع الأسعار بسبب تجاوزهم لشرائح الاستهلاك المنخفضة. مما يؤدي إلى احتساب الكهرباء أو الغاز بتسعيرات أعلى، وهو أمر يمكن تجنبه في حال تم اعتماد الفوترة الشهرية، حيث سيتم توزيع الاستهلاك بشكل أكثر انسيابية. مما يضمن عدم انتقال المستهلكين إلى الفئات التسعيرية الأعلى.

كما أشار معنصر إلى أن هذا الإجراء سيساعد سونلغاز أيضًا. حيث سيضمن تحصيل المستحقات بشكل منتظم، ويقلل من الديون العالقة، ويعزز من الاستقرار المالي للشركة.

وأكد النائب أن هذا المقترح يعكس الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، التي تواصل حماية القدرة الشرائية للمواطنين من خلال دعم أسعار الكهرباء والغاز، رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج. فبالمقارنة مع الدول المجاورة وحتى بعض الدول الأوروبية، لا تزال أسعار الكهرباء في الجزائر من بين الأقل تكلفة عالميًا. حيث تبلغ 4.01 دينار/كيلوواط فقط، رغم أن تكلفة الإنتاج تصل إلى 5.4 دينار/كيلوواط.

واختتم معنصر حديثه بالتأكيد على أن اعتماد الفوترة الشهرية سيكون خطوة نحو نظام أكثر عدالة ومرونة، يحمي المستهلكين من الصدمات المالية غير المتوقعة، ويدعم في الوقت ذاته استقرار قطاع الطاقة في الجزائر.

مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك
مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك
مصطفى زبدي لـ”تادامسا نيوز”: نجاح الفوترة الشهرية مرهون بعدم تعديل الشرائح التسعيرية

بدوره، حذر رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، في تصريح لـ”تادامسا نيوز” من أي تغيير قد يؤثر على التسعيرة أو يؤدي إلى زيادات غير مباشرة على المستهلكين. مؤكدًا أن نجاح المقترح يعتمد على إبقاء الشرائح الاستهلاكية كما هي دون تعديل في الحدود أو الأسعار.

وأوضح زبدي أن المنطق يفرض، في حال تطبيق الفوترة الشهرية، أن يتم تقسيم رسوم الفواتير الثلاثية إلى ثلاثة أقساط متساوية. دون أي زيادة غير مبررة، معتبرًا أن أي خطوة نحو إعادة تحديد الشرائح أو رفع القيم المطبقة عليها ستؤدي إلى رفض واسع من قبل المواطنين.

وأضاف أن الجزائر لا تزال توفر واحدة من أدنى تسعيرات الكهرباء في المنطقة بفضل الدعم الحكومي الذي يغطي نحو 65% من تكاليف الإنتاج، خصوصًا في ولايات الجنوب والمناطق المعزولة، مما يجعل أي محاولة لتمرير زيادات من خلال تغيير آلية الفوترة غير مقبولة.

ودعا زبدي الجهات المعنية إلى تقديم ضمانات واضحة للمستهلكين حول آليات تطبيق الفوترة الشهرية. مع تعزيز الشفافية والتواصل الفعّال لتجنب أي إلتباس أو سوء فهم من قبل المواطنين.

الفوترة الشهرية .. هل هو الحل الأمثل؟؟

يعدّ الانتقال إلى نظام الفوترة الشهرية لفواتير الكهرباء والغاز خطوة قد تحمل العديد من الإيجابيات للمستهلكين. لكنها تثير في الوقت ذاته بعض المخاوف بشأن تأثيرها على الشرائح التسعيرية وآليات الدعم الحكومي. فمن ناحية، يمكن لهذا التغيير أن يخفف من الضغط المالي على الأسر الجزائرية عبر توزيع التكاليف على مدار السنة بدلًا من تراكمها في فواتير ضخمة كل ثلاثة أشهر، مما يمنح المواطنين قدرة أكبر على التحكم في نفقاتهم. كما أنه قد يساهم في تجنب دخول المشتركين في الشرائح التسعيرية الأعلى.

حيث يؤدي تجميع الاستهلاك في النظام الحالي إلى احتساب الأسعار بمعدلات أعلى، وهو ما يمكن تفاديه عبر آلية الفوترة الشهرية التي تتيح توزيع الاستهلاك بشكل أكثر عدالة. إضافة إلى ذلك، فإن استلام الفواتير بشكل منتظم قد يعزز من وعي المواطنين بكمية الطاقة التي يستهلكونها، مما يشجع على ترشيد الإنفاق الطاقوي. غير أن نجاح هذا الإجراء يظل مرهونًا بعدة عوامل. أبرزها عدم تعديل التسعيرة أو تغيير حدود الشرائح الاستهلاكية، إذ قد يجد المواطنون أنفسهم أمام فواتير شهرية أعلى مما كانوا يدفعونه سابقًا، في حال تم إحداث أي زيادات غير مباشرة.

كما أن الشفافية في تطبيق هذا النظام تبقى ضرورية. إذ يتعين على الحكومة وشركة سونلغاز تقديم توضيحات دقيقة حول آليات التنفيذ، لضمان عدم استخدام الفوترة الشهرية كذريعة لتمرير تغييرات غير معلنة في الأسعار. ومن جهة أخرى، فإن الفئات ذات الاستهلاك المرتفع قد تتأثر بشكل مختلف عن المستهلكين العاديين. حيث يمكن أن يؤدي تقسيم الفواتير إلى دفع مبالغ أكبر على مدار العام. ومع استمرار النقاش حول هذه الخطوة، يبقى التساؤل الأبرز: هل ستنجح السلطات في تحقيق التوازن بين تحسين آليات الدفع وضمان عدم تحميل المواطن أعباء إضافية، أم أن الفوترة الشهرية قد تصبح عبئًا جديدًا على كاهل المستهلك الجزائري؟

أترك تعليق