الجزائر

سماء صافية °C 22

صبري بوقادوم: الجزائر توسّع دورها الدبلوماسي وتعزز مناخ الاستثمار

السفير الجزائري لدى واشنطن، صبري بوقادوم

في حوار خاص مع Business Focus، استعرض السفير الجزائري لدى واشنطن، صبري بوقادوم، رؤيته حول القضايا الجيوسياسية الراهنة ودور الجزائر في المشهد الدولي، مؤكدًا على التحديات والفرص التي تفرضها التغيرات العالمية على الدبلوماسية الجزائرية. كما تطرق إلى أولويات الجزائر خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن (2024-2025)، مسلطًا الضوء على جهودها في دعم الأمن الإقليمي، لا سيما في غزة ومنطقة الساحل. ولم يخل الحوار من الحديث عن التعاون الجزائري-الأميركي، حيث كشف السفير عن آفاق جديدة للشراكة في مجالات الأمن، الطاقة، والاستثمار. مشددًا على الإمكانات الاقتصادية التي تجعل من الجزائر وجهة واعدة للمستثمرين الدوليين.

رؤية جزائرية لعالم متغير

و في رده على السؤال: كيف تقيمون المشهد الجيوسياسي العالمي الحالي وتأثيره على الجزائر؟ هل توفر هذه التغيرات فرصًا أكبر أم تحديات؟
أكد سعادة السفير صبري بوقادوم أن الوضع الجيوسياسي الراهن يمثل تحديًا وفرصة في آن واحد، والدبلوماسية الحقيقية تكمن في تحويل التحديات إلى فرص. الجزائر، بفضل سياستها الخارجية المتزنة، تواصل التفاعل مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وقد جرت بالفعل محادثات بين وزير الخارجية الأمريكي الجديد، ماركو روبيو، ووزير الشؤون الخارجية الجزائري، أحمد عطاف. إلى جانب اتصالات مستمرة على مستويات مختلفة لتعزيز العلاقات الثنائية والمساهمة في الأمن والاستقرار العالميين.

دور الجزائر في مجلس الأمن: التزام بالمبادئ

وفي معرض رده على السؤال: كيف يمكن لعضوية الجزائر غير الدائمة في مجلس الأمن (2024-2025) أن تعزز موقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية؟
أجاب بوقادوم أن الجزائر لطالما لعبت دورًا فاعلًا داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذه ليست المرة الأولى التي تشغل فيها مقعدًا غير دائم. الجزائر حصلت على دعم إفريقيا، والعالم العربي، ومنظمة التعاون الإسلامي. ما يعكس ثقة المجتمع الدولي في مواقفها.

من أولويات الجزائر في مجلس الأمن إنهاء العدوان على غزة وتحقيق وقف لإطلاق النار، حيث انخرطت الجزائر في مشاورات مكثفة مع الولايات المتحدة وأعضاء المجلس، بالإضافة إلى الدول الإفريقية الثلاث في المجلس (A3). كما أن الجزائر تركز على قضايا منطقة الساحل. إذ عملت خلال رئاستها لمجلس الأمن الشهر الماضي على حشد الجهود الدولية لمعالجة الإرهاب في المنطقة، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حلول طويلة الأمد بدلاً من المعالجات المؤقتة.

تعزيز العلاقات الجزائرية-الأمريكية

وفي حدثيه عن تعزيز العلاقات الجزائرية الأميريكة وعن الأولويات الرئيسية للجزائر في علاقاتها مع الولايات المتحدة خلال عام 2025؟

أكد صبري بوقادوم أن الجزائر قد أبرمت مؤخرًا مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع الأمريكية عبر القيادة العسكرية الإفريقية (أفريكوم). مما يعزز التعاون الثنائي في مجالات البحث والإنقاذ وتبادل المعلومات الاستخباراتية، إضافة إلى الأمن الإقليمي في منطقة الساحل.

على الصعيد الاقتصادي، تشهد الاستثمارات الأمريكية في الجزائر نموًا ملحوظًا، خاصة في قطاع الطاقة. لكن الأهم هو توجه التعاون نحو قطاعات جديدة مثل الزراعة والطاقات المتجددة، مما يفتح المجال لشراكات متنوعة ومستدامة.

الجزائر.. وجهة استثمارية واعدة

كما أكد السفير بوقادوم عن مقومات الجزائر كوجهة استثمارية باعتبارها أكبر دولة في إفريقيا والعالم العربي والمتوسط، تمتلك إمكانات هائلة. سواء من حيث الموارد الطبيعية أو القوى العاملة الشابة.

حيث قال أن قطاع الطاقة يبقى في صدارة الأولويات، ولكن هناك اهتمام متزايد بالزراعة، حيث تستورد إحدى المؤسسات الجزائرية الخاصة حاليًا 25,000 بقرة أمريكية. مما يمثل خطوة نوعية في التعاون الزراعي بين البلدين.

رغم الإمكانات الكبيرة، لا تزال الجزائر تعاني من صورة نمطية سلبية لدى بعض المستثمرين، تعود في جزء منها إلى “العشرية السوداء” في التسعينيات. ومع ذلك، فإن الجزائر اليوم دولة آمنة ومستقرة، وتشهد نموًا في قطاع السياحة. تعمل الجزائر على تنظيم زيارات ميدانية لوكلاء السفر الدوليين لتمكينهم من استكشاف البلاد مباشرةً بعيدًا عن الانطباعات القديمة.

بالإضافة إلى الطاقة والزراعة، يتمتع قطاع التعدين بإمكانات هائلة، خصوصًا في مناطق الصحراء وشمال البلاد. حيث بدأ مستثمرون كبار في إبداء اهتمامهم بهذا المجال.

ومن الناحية الثقافية، تعتبر الجزائر كنزًا غير مكتشف. فهي تضم ثاني أكبر عدد من الآثار الرومانية بعد إيطاليا. كما أنها موطن القديس أوغسطين، أحد أبرز الشخصيات المؤسسة للكنيسة الكاثوليكية.

إلتزام جزائري بأمن الطاقة العالمي

وفي إجابته عن السؤال: كيف ترون مستقبل التعاون الطاقوي بين الجزائر والولايات المتحدة؟، أكد سعادة السفير الجزائر لطالما كانت شريكًا موثوقًا في مجال الطاقة. قبل 15 إلى 20 عامًا، كانت الولايات المتحدة الشريك التجاري الأول للجزائر بحجم تبادل بلغ 18 إلى 20 مليار دولار سنويًا. ومع تغير أنماط إنتاج الطاقة الأمريكية، ظل النفط الجزائري يحظى بمكانة خاصة بفضل جودته العالية وانخفاض نسبة الكبريت فيه. ما يمنحه قيمة مضافة في الأسواق العالمية.

إضافةً إلى النفط والغاز، تتجه الجزائر بقوة نحو الطاقات المتجددة، مستفيدةً من 330 يومًا مشمسًا سنويًا في الصحراء. مما يجعلها موقعًا مثاليًا لإنتاج الطاقة الشمسية. كما تستثمر البلاد في مجال الهيدروجين واستكشاف المعادن الأرضية النادرة، ما يعكس رؤية استراتيجية لاقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة.

الجزائر ملتزمة بضمان أمن الطاقة لشركائها، حتى خلال الأزمات، وستواصل لعب دور رئيسي في تأمين الإمدادات لأوروبا والعالم. مع التركيز على الطاقات النظيفة والمستدامة.

 

أترك تعليق