الجزائر

سماء صافية °C 22

دبلوماسية الإذلال لا تخدم فرنسا.. وزير حكومة أسبق ينتقد سياسة بلاده

رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق دومينيك دو فيليبان

شهد سياسة فرنسا الخارجية موجة من الانتقادات اللاذعة. حيث تتعالى أصوات داخلية من الأوساط السياسية تهاجم الطريقة التي تُدار بها العلاقة مع الجزائر. تأتي هذه الانتقادات في وقت تتفاقم فيه التوترات بين البلدين. لتلقي بظلالها على المشهد الدبلوماسي الفرنسي الذي يعاني من أزمات متكررة تضعف موقفه على الساحة الدولية.

في خضم هذا الجدل، وجه رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق دومينيك دو فيليبان انتقادات حادة لتصريحات وزير الداخلية الفرنسي الحالي بايرو ريتيليو. الذي وصف الجزائر بأنها “أهانت” فرنسا، بعد رفضها دخول مؤثر جزائري مُرحّل. ووصف دو فيليبان تلك التصريحات بأنها “مزايدات غير محسوبة”، محذرًا من أن مثل هذه الخطابات قد تجرّ فرنسا إلى مواجهات دبلوماسية غير ضرورية. وتفاقم الوضع المتوتر بين البلدين.

في مقابلة مع “فرانس إنفو”، أشار دو فيليبان إلى أن الدبلوماسية الفرنسية تُخاطر بإعادة إنتاج أخطاء الماضي. مؤكدًا أن الشعور بـ”الإذلال” الذي تروج له بعض الأطراف هو وصفة تاريخية للأزمات والحروب. وأوضح أن إثارة قضايا خلافية، مثل اتفاقية الهجرة لعام 1968 بين فرنسا والجزائر، يجب أن يتم من خلال الحوار، لا عبر الخطابات التصعيدية التي تخدم مصالح ضيقة على حساب العلاقات التاريخية بين البلدين.

اتفاق 1968

تصريحات ريتيليو حول إنهاء العمل باتفاق 1968 أثارت جدلًا واسعًا في فرنسا. حيث انقسمت المواقف بين داعمين لهذه الخطوة ومطالبين بالتهدئة. دو فيليبان وصف الدعوة إلى إلغاء الاتفاقية بأنها “غير معقولة”. مؤكدًا أن هذه الاتفاقية تمثل إحدى الروابط التاريخية المتبقية بين البلدين. وأضاف: “إذا كان لا بد من مراجعة الاتفاقيات، فلنقم بذلك بروح الاحترام المتبادل، لا بمنطق العقاب”.

من جانبه، انتقد زعيم اليسار الفرنسي جون لوك ميلونشون النهج التصعيدي تجاه الجزائر. داعيًا إلى إعطاء الأولوية للحوار البناء بدلًا من تعميق الهوة بين الطرفين. وحذر ميلونشون من أن السياسات العقابية لن تؤدي إلا إلى تأجيج الأزمات وزيادة عزلة فرنسا في المنطقة.

كما انضمت الوزيرة الفرنسية السابقة سيغولين روايال إلى قائمة المنتقدين، مشددة على ضرورة استعادة علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك مع الجزائر. وأكدت أن فرنسا بحاجة إلى “دبلوماسية ذكية” تعترف بالأخطاء التاريخية. وتعمل على بناء شراكات متوازنة بدلًا من السعي وراء الهيمنة أو فرض الإملاءات.

هذه الانتقادات تأتي في ظل سياق دبلوماسي مضطرب يعكس ضعفًا في استراتيجيات فرنسا الخارجية. خاصة في ما يتعلق بإدارة علاقاتها مع الدول التي كانت مستعمرات سابقة. وفي حالة الجزائر، يبدو أن الخطاب المتشدد الذي يتبناه بعض المسؤولين الفرنسيين يعمق الخلافات. ما يهدد بإضعاف موقف فرنسا في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية.

من الواضح أن فرنسا تواجه ضغوطًا داخلية لإعادة النظر في سياستها الخارجية. حيث تتزايد الأصوات المطالبة بدبلوماسية أكثر عقلانية وواقعية تضع الحوار والاحترام في صميم توجهاتها. التعامل مع الجزائر، بما تحمله العلاقة من تعقيدات تاريخية وسياسية، يستدعي نهجًا أكثر حكمة يعكس إدراكًا عميقًا لتداعيات التصعيد على المصالح الفرنسية.

أترك تعليق