الجزائر

سماء صافية °C 22

ضرائب 2025: فرنسا تطارد الحاملين للجنسية الفرنسية

في خطوة قد تثير جدلًا واسعًا، تتجه الحُكومة الفرنسية من خلال مشروع قانون المالية 2025 إلى فرض رقابة صارمة على الفرنسيين المغتربين. وخاصة المقيمين في بلدان ذات نظم ضريبية منخفضة. ويشمل هذا التوجه فئات مختلفة. من الفنانين الفرنسيين المقيمين في الخارج إلى الرياضيين الدوليين. بمن فيهم اللاعبين الجزائريين والمغاربة وغيرهم من حاملي الجنسية الفرنسية. ناهيك على رجال الأعمال مزدوجي الجنسية.

محرز بنزيما
محرز بنزيما

هذا الإجراء الذي يعتبره البعض تدخلاً سافرًا في خصوصيات الأفراد وحقوقهم المالية. يفتح الباب أمام نقاش حاد حول تأثيره المباشر على نجوم الرياضة والفن وكبار المستثمرين. في ظل تساؤلات حول الكيفية التي سيتعامل بها هؤلاء مع هذه الإجراءات التي قد تضعهم تحت مجهر رقابي غير مسبوق.

فرنسا تشدد قبضتها الضريبية على اللاعبين والمستثمرين المغتربين

لطالما مثّل اللاعبون الفرنسيون المحترفون في الخارج، أمثال كريم بنزيما، نغولو كانتي، وكيليان مبابي، قوى إقتصادية كبرى بفضل عقودهم المالية الضخمة. فعلى سبيل المثال، وقع بنزيما عقدًا مع نادي الإتحاد السعودي يتقاضى بموجبه 200 مليون يورو سنويًا. ما يجعله مرشحًا للحصول على 600 مليون يورو على مدار ثلاث سنوات. بالمثل، انضم نغولو كانتي إلى نفس النادي بعقد قيمته 100 مليون يورو سنويًا. ما يعكس حجم الأموال التي يتلقاها اللاعبون الفرنسيون في الخارج.

ولا يقتصر الأمر على هؤلاء النجوم البارزين. إذ من المتوقع أن تمتد آثار هذا القانون ليشمل اللاعبين الجزائريين الحاملين للجنسية الفرنسية. على غرار رياض محرز، حسام عوار، وإسماعيل بن ناصر وغيرهم. هذه الرواتب الفلكية تجعلهم أهدافًا واضحة لأي جهود حكومية ترمي إلى تعزيز الإيرادات الضريبية من الفرنسيين المغتربين.

وفي هذا الإطار تسعى الحكومة الفرنسية من خلال مشروع “الضريبة العالمية” إلى فرض ضرائب على الفرنسيين الذين أقاموا في فرنسا لمدة ثلاث سنوات على الأقل خلال العقد الماضي، وانتقلوا للعيش في دول مثل السعودية التي تتمتع بنظم ضريبية مخففة. هذا الإجراء يستهدف منع اللاعبين والمستثمرين الأثرياء من الاستفادة من تلك الفوارق الضريبية للتحايل على الالتزامات الضريبية المستحقة في فرنسا.

غير أن هذه الخطوة تثير تساؤلات جادة حول كيفية تطبيق هذه الإجراءات في دول قد تتمتع بنظم قانونية محلية أكثر تساهلًا فيما يخص الإفصاح عن دخل الأجانب. إن هذه الخطوات قد تفتح الباب أمام تحديات قانونية ودبلوماسية في مسعى الحكومة لضمان امتثال هؤلاء الأفراد للقوانين الضريبية الفرنسية، في ظل وجود قوانين محلية قد تكون أقل صرامة في هذا الشأن.

جواز السفر الجزائري و الفرنسي
جواز السفر الجزائري و الفرنسي
رجال الأعمال الجزائريون: الجنسية الفرنسية من نعمة الإقامة إلى نقمة التتبع الضريبي

 لا تقتصر الإجراءات الضريبية الجديدة التي تعتزم الحكومة الفرنسية تطبيقها على الفنانين والرياضيين فقط. بل تمتد لتشمل أيضًا رجال الأعمال، بمن فيهم الجزائريون الحاملون للجنسية الفرنسية والمستثمرون بشكل كبير في الجزائر. في ظل التحديات الإقتصادية المتزايدة التي تواجهها فرنسا، تسعى الحكومة إلى تعظيم تحصيل الإيرادات الضريبية. بما في ذلك من مواطنيها المقيمين في الخارج الذين يحققون أرباحًا من إستثماراتهم في بيئات ضريبية أكثر تساهلًا.

بالنسبة لرجال الأعمال الجزائريين الحاملين للجنسية الفرنسية. والذين يمتلكون إستثمارات ضخمة في الجزائر، تشكل هذه الخطوات مصدر قلق كبير. فالقانون الجديد يسعى إلى فرض ضرائب على أي دخل يحققونه في دول ذات نظم ضريبية مخففة مقارنة بفرنسا. مما يجعلهم ضمن الفئات المستهدفة بشكل مباشر.

ومن المتوقع أن تدفع هذه الإجراءات العديد من رجال الأعمال إلى التفكير في خيارات بديلة لحماية مصالحهم. فقد يلجأ البعض إلى التخلي عن الجنسية الفرنسية والاكتفاء ببطاقات الإقامة. بينما قد يعمد آخرون إلى إعادة هيكلة استثماراتهم بما يضمن تفادي الضرائب المرتفعة التي تفرضها فرنسا.

في هذا السياق، يتعين على رجال الأعمال المعنيين دراسة تأثير هذه التدابير بدقة، خصوصًا أن تطبيقها قد يؤثر على استثماراتهم واستراتيجياتهم المالية في المدى الطويل، بما يضع تحديات قانونية وضريبية جديدة أمامهم في إطار العلاقات الاقتصادية الثنائية بين فرنسا والدول التي ينشطون فيها.

الوزير الأول الفرنسي ميشيل بارنييه
الوزير الأول الفرنسي ميشيل بارنييه
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

إذا مضت الحكومة الفرنسية قدمًا في تطبيق هذه الإجراءات الصارمة على نجوم الفن والرياضة ورجال الأعمال المغتربين. فقد نشهد تداعيات اقتصادية واجتماعية غير متوقعة. من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى موجة من التخلي عن الجنسية الفرنسية أو الانتقال إلى دول توفر نظمًا ضريبية أكثر مرونة. كما قد يدفع البعض إلى اللجوء إلى تقديم تصاريح ضريبية غير دقيقة. إن تطبيق “الضريبة العالمية” من شأنه أن يدفع العديد من الفرنسيين، سواء في قطاعات الفن، الرياضة، أو الأعمال، إلى إعادة النظر في جنسياتهم واستثماراتهم الدولية وطرق الإفصاح عن دخلهم.

يبقى التساؤل مطروحًا: هل ستتمكن فرنسا من إيجاد التوازن المناسب بين محاربة التهرب الضريبي والحفاظ على جاذبيتها الاقتصادية؟. إذ يبدو أن التداعيات السلبية المحتملة لهذه السياسات قد تتجاوز الفوائد الضريبية المنتظرة، خصوصًا إذا استمرت في استهداف فئات مؤثرة مثل النجوم ورجال الأعمال الكبار.

هذه القضية لا تزال قيد المناقشة في البرلمان الفرنسي، وحتى الوصول إلى حلول متوازنة، سيظل النجوم والمستثمرون الكبار. بما في ذلك رجال الأعمال الجزائريون الحاملون للجنسية الفرنسية. تحت الأنظار ومحل اهتمام كبير من قبل الجهات المعنية.

أترك تعليق