الجزائر

سماء صافية °C 22

لبنان يكسر الجمود السياسي.. حكومة جديدة لمواجهة الإنهيار الاقتصادي

أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء في لبنان، محمود مكية، اليوم السبت، عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام، وتعيين 24 وزيرًا. ليعود بذلك العمل الحكومي إلى مساره الطبيعي بعد سنوات من الشلل السياسي الذي أعقب الفراغ الرئاسي. ويأتي الإعلان بعد انتخاب جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وتكليف سلام بتشكيل الحكومة. عقب مشاورات استمرت أكثر من ثلاثة أسابيع مع الأحزاب السياسية اللبنانية.

نواف سلام
نواف سلام

وأكدت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزاف عون وقّع مرسوم تعيين نواف سلام رئيسًا للحكومة. كما وقع مرسومًا آخر بقبول استقالة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، لتصبح الحكومة الجديدة أول حكومة دائمة في البلاد منذ أكتوبر 2022.

وفي أول تصريح له بعد الإعلان الرسمي، أكد رئيس الوزراء نواف سلام أن الحكومة ستعمل على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية. مشددًا على أن الإصلاح هو السبيل الوحيد لتحقيق الإنقاذ الحقيقي. وأضاف أن مجلس الوزراء الجديد سينعقد لأول مرة يوم الثلاثاء 11 فبراير في قصر بعبدا بالعاصمة بيروت. حيث سيتم بحث الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة.

التحديات الاقتصادية في مواجهة الحكومة الجديدة

يواجه لبنان أزمة اقتصادية حادة منذ عام 2019، أدت إلى انهيار الليرة اللبنانية بنسبة تجاوزت 90% من قيمتها. بالإضافة إلى انهيار القطاع المصرفي وتخلف البلاد عن سداد 30 مليار دولار من السندات الدولية. وتتمثل التحديات الاقتصادية للحكومة الجديدة في الحفاظ على استقرار سعر الصرف والتوازن المالي. إلى جانب إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة مع الكيان. حيث يقدر البنك الدولي كلفة إعادة الإعمار بنحو 8.5 مليار دولار، وهو ما لا تستطيع الدولة تحمله دون دعم خارجي.

وفي هذا السياق، أشار نواف سلام إلى أن الحكومة ستتخذ خطوات حاسمة لتنشيط الاقتصاد. مؤكدًا أنه لن يسمح بأي عرقلة لعملها، مع التزامها بتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها للحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين.

التشكيلة الحكومية الجديدة
الحكومة اللبنانية الجديدة
الحكومة اللبنانية الجديدة

وزارة المالية ودورها في الإصلاحات الاقتصادية

تم تعيين ياسين جابر، النائب ووزير الاقتصاد السابق، وزيرًا للمالية، حيث سيتولى مسؤولية تنفيذ الإصلاحات الحاسمة التي يطالب بها صندوق النقد الدولي. لتمكين لبنان من الحصول على حزمة دعم بقيمة 3 مليارات دولار، قد تمهد الطريق لمساعدات إضافية بمليارات الدولارات من المانحين الدوليين.

وسيكون التحدي الأساسي أمام جابر هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي، إلى جانب التعامل مع تعقيدات المصالح السياسية والطائفية المتشابكة، وإيجاد حلول لأزمة الفجوة المالية التي تصل إلى 80 مليار دولار، أي ما يعادل أربعة أضعاف حجم الاقتصاد اللبناني.

وزارة الاقتصاد وملف إعادة هيكلة النظام المالي

عينت الحكومة عامر البساط وزيرًا للاقتصاد، وهو شخصية مصرفية مرموقة شغل سابقًا منصب العضو المنتدب والرئيس للأسواق الناشئة والديون السيادية في شركة “بلاك روك”. كما عمل لدى “مورغان ستانلي” و”يو بي إس”، مما يجعله أحد أبرز الأسماء في الفريق الاقتصادي الجديد.

وسيتولى البساط مسؤولية وضع خطة لإنعاش الاقتصاد اللبناني وإعادة هيكلة القطاع المصرفي المتعثر، وهو الملف الذي فشلت الحكومات السابقة في معالجته بسبب الخلافات بين المشرعين، المقرضين. والبنك المركزي. وسيكون التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد أساسيًا لإنجاح خطة الإصلاح الاقتصادي وإعادة بناء ثقة المجتمع الدولي بلبنان.

لبنان أمام مرحلة جديدة.. هل تنجح الحكومة في تحقيق الاستقرار؟

يأتي تشكيل الحكومة الجديدة في ظل آمال كبيرة بتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي. خاصة بعد تعهد نواف سلام بتشكيل حكومة كفاءات تركز على الإصلاح، دون السماح لأي عرقلة تعطل مسارها. وفي ظل التحديات الكبرى التي تواجهها البلاد، تبقى الأنظار متجهة نحو مدى قدرة الحكومة على تحقيق اختراقات فعلية في الملفات العالقة، بدءًا من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وصولًا إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة، وهي مهام ستحدد ملامح العهد الجديد للبنان

أترك تعليق