الجزائر

سماء صافية °C 22

لهذه الأسباب يسارع المغرب إلى مغازلة الجزائر لتجديد عقد أنبوب الغاز العابر لأراضيه

حالة من الغموض والترقّب تسود ملف أنبوب الغاز الجزائري (المغرب العربي-أوروبا / بيدرو دوران فارال) العابر للأراضي المغربية نحو إسبانيا والبرتغال، وتساؤلات تطرح اليوم حول إمكانية إعادة تجديد الجزائر لعقد الشراكة المبرم مع المغرب لسنواتٍ أخرى، في ظل تشنج العلاقات الثنائية بين البلدين أكثر، مع استمرار الهجمات العدائية للطرف المغربي ضد المصالح الجزائرية، وتدخلاته المستفزة في الشأن الجزائري، لتضاف إليها مسألة التجسس الأخيرة على الجزائر، بالاستعانة بالتكنولوجيا الإسرائيلية (بيغاسوس)، وهي القضية التي أحدثت موجةً من الجدل إقليمياً ودولياً.

ويبدو أن الجزائر وضعت في الحسبان إمكانية إقدام المخزن المغربي على “توتير ودهورة” العلاقات الثنائية بين الجانبين أكثر مما كانت عليه، ومن ثم الذهاب إلى الاستعطاف والمغازلة الاقتصادية، عبر مشروع أنبوب الغاز العملاق العابر للمتوسط (المغرب العربي- أوروبا)، الممتد من حاسي الرمل مروراً بالأراضي المغربية نحو شبة الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال)، وظهر ذلك جلياً في تصريحات الرئيس التنفيذي لمجمّع “سوناطراك”، توفيق حكّار،  نهاية شهر جوان المنصرم، والذي تحدّت حول إمكانية عدم تجديد الجزائر لعقد الامتياز لخط أنابيب الغاز (المغرب العربي – أوروبا) العابر للأراضي المغربية، قائلاً: أنّ “الجزائر اتخذت كافة الإجراءات اللازمة في حال عدم تجديد عقد الامتياز لخط الغاز العابر للأراضي المغربية”. وأضاف: “حتى في حالة عدم تجديد هذا العقد، الذي ينتهي في أكتوبر المقبل، فإنّ الجزائر ستكون قادرة على إمداد إسبانيا، لكنها ستستجيب أيضًا لأي طلب إضافي من السوق الإسبانية دون أي مشكلة”.

وكانت وسائل إعلام إسبانية، أكدت مطلع شهر ماي المنصرم، أن “المغرب يفكر جدّياً في عدم تجديد عقد الامتياز لأنبوب الغاز الجزائري (المغرب العربي – أوروبا) العابر لأراضيه، والذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا”.

وبعد تصريحات المسؤول الأوّل على رأس “سوناطراك”، والتي تظهر عزم الجزائر على تغطية كافة احتياجات زبائنها من الغاز الطبيعي بأوروبا، من دون الاستعانة بخط أنابيب (المغرب العربي-أوروبا) العابر للأراضي المغربية، وذلك عبر توسيع قدرات أنبوب (ميدغاز) الممتد من حاسي الرمل، بني صاف نحو ألميريا الإسبانية، سارع المغرب إلى إعلان نوع من التودّد والمغازلة الاقتصادية تجاه الجزائر، بغرض الإبقاء على سريان عقد الامتياز لأنبوب الغاز الجزائري العابر لأراضيه لسنوات مقبلة، بما يضمن مصالحه أكثر، لاسيما مع ارتفاع مستويات الاستهلاك للطاقة بالمملكة، وبات القطاع الصناعي وحده بحاجة لنحو 1 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز لتغطية حاجياته وإنتاج الطاقة الكهربائية، في وقتٍ قفزت فيه أسعار الغاز بنحو 600 في المائة مقارنة بأسعارها قبل نحو عام مضى.

وقالت المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بن خضرة، في تصريح لموقع “ماروك لوجور”، يوم الخميس، “إن المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي”، مشيرةً إلى أنّ “المغرب أعرب عن موقفه من مسألة مواصلة العمل بأنبوب الغاز الجزائري في محادثات خاصة، وفي تصريحات علنية، مؤكدة أنه يمثل أداة للتعاون الإقليمي”.

وأعلنت مؤخراً شركة “ناتيرجي” الاسبانية، شريك مجمّع “سوناطراك” في خط أنابيب “ميدغاز” العابرة للبحر المتوسط، تشغيل القدرات الإضافية لنقل الغاز عبر أنبوب “ميدغاز” اعتباراً من الخريف المقبل، بكميات تصل 10.5 مليارات متر مكعب سنوياً، لتعطي بذلك مؤشرات إيجابية على أنه بات بمقدور “سوناطراك” عدم الاعتماد على خط الأنابيب “المغرب العربي أوروبا” العابر للأراضي المغربية في تزويد زبائنها في شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا) بالغاز الجزائري، وفق الالتزامات وفحوى العقود المتفق عليها سابقاً.

واستناداً إلى التغيّر الطارئ في قواعد السوق، فإنّه من المتوقع أن تتجه الجزائر لفرض شروط تعاقدية جديدة على المغرب لتسويق كميات من الغاز تصل 1 مليار متر مكعب سنوياً، بالنظر لإمكانية تلبية حاجيات إسبانيا والبرتغال من الغاز عبر خط أنابيب “ميدغاز”، ما يعني أن الجار الغربي سيفقد ميزة حقوق العبور وسيكون ملزماً بالشراء وفق شروط جديدة تفرضها الجزائر وبمنطق السوق الذي ارتفعت أسعاره 640 في المائة.  إلى جانب ذلك، فإنّ المغرب اليوم أضحى بحاجة لنحو 1 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز لتغطية حاجيات قطاع الصناعة، وإنتاج الطاقة الكهربائية، لاسيما في ظل زيادة تسعيرة الغاز في الأسواق العالمية، وقفزها بنحو 600 في المائة عمّا كانت عليه قبل سنة فقط.

وفي تعليقها على المزاعم والادعاءات المغربية، بشأن ملف خط أنابيب الغاز الجزائري العابر للمتوسّط، اعتبرت الجزائر دعم السلطات المغربية للإبقاء على أنبوب الغاز الجزائري الرابط بين المغرب العربي وأوروبا “مجرد أكاذيب”، مشيرةً في تصريحات لخبراء نشرتها وكالة الأنباء الرسمية، أنّ “السلطات المغربية أدلت بتصريحين كاذبين، حتى وان لم تكن هذه أولى أكاذيبه من خلال الخوض في الميدان الاقتصادي عموماً والغازي خصوصاً، و التي يبدوا انه يجهلها” متسائلين “على ما تستند هذه الأكاذيب؟ وأكد الخبراء أن “الجزائر لم تقرر بعد تمديد العمل بأنبوب الغاز العابر لأراضي المملكة عقب انتهاء مدة عقد استغلاله في أكتوبر 2021″، مشيرين إلى أنّ “الفائدة الكبيرة” التي يجنيها المغرب من مرور أنبوب الغاز نحو أوروبا، علما انه “يضخ 800 مليون متر مكعب من الغاز لاحتياجاته الخاصة التي تضاف إلى الرسوم التي يفرضها في إطار + حقوق مرور+ أنبوب الغاز”. وعليه -يضيف ذات الخبراء- “فإننا نفهم لماذا يصر على زيادة طاقاته”، مذكرين بأن الجزائر تصدر الغاز أيضاً من خلال أنبوب آخر جديد، والمتمثل في أنبوب الغاز “ميدغاز” انطلاقاً من بني صاف”.

ويبلغ طول خط أنابيب الغاز الجزائري (المغرب العربي – أوروبا) 1300 كيلومترًا، يمتد على الأراضي المغربية على مسافة 540 كيلومترًا، فيما تبلغ طاقته الاستيعابية 13.5 مليار متر مكعب سنويًا. أمّا خط أنابيب “ميدغاز” التي تربط الجزائر (بني صاف) بألميريا الاسبانية، فتبلغ سعته الإجمالية حوالي 10 مليار متر مكعب سنوياً.

وترتبط الجزائر بثلاث خطوط أنابيب عملاقة لنقل الغاز الطبيعي نحو شركائها بأوروبا، بطاقة إجمالية تبلغ 52 مليار م3 سنوياً، وتتمثل في خط أنابيب “ميدغاز” الممتد من حقل حاسي الرمل مروراً عبر مدينة بني صاف، إلى ألميريا الاسبانية، وينقل نحو 8 مليار م 3 سنويا، وخط أنابيب “المغرب العربي- أوروبا (MEG)” العابر للمغرب إلى مدينة قرطبة الاسبانية، وينقل نحو 11.5 مليار م3 سنوياً، في حين أن أنبوب “ترانس ميد” العابر لمدينة الهوارية التونسية، إلى مدينة سيسيليا الإيطالية، ينقل نحو 32.5 مليار م3 سنوياً.

عبدو.ح

أترك تعليق