الجزائر

سماء صافية °C 22

منها الغاز.. تقارير تركية تتعرض للمساعدات الجزائرية إلى تونس

تبون قيس سعيد

تعرض تقرير حديث إلى المساعدات التي تُقدمها الجزائر للشقيقة تونس في إطار التعاون و التنسيق المشترك في مختلف الميادين بما في ذلك قطاع الطاقة التي تُعتبر الجزائر ضمن أهم الداعمين لتونس، بما في ذلك الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب الغاز ترانسميد الممتد إلى إيطاليا و العابر للأراضي التونسي و كذا إمددات الكهرباء.  وبإعتبار أن الجزائر و تونس ترتبطان بعلاقات متينة و إستراتيجية. تواصل السلطات الجزائرية دعمها الطاقوي لتونس. ولكن هذه المرة من خلال إمدادات الغاز الطبيعي المنزلي إذ إستقبلت البلاد شحنة محملة بـ5300 طن.

الجزائر، الغاز الطبيعي المسال (LNG)، صادرات الجزائر، صادرات الغاز المسال، الغاز المسال،
ناقلة الغاز المسال “لالة فاطمة نسومر” المملوكة لشركة “سوناطراك” الجزائرية
الصورة: (ح/م)

وصلت يوم الجمعة 04 جانفي 2025 إلى ميناء بنزرت، أقصى شمال تونس. ثاني سفينة شحن غاز جزائري محملة بـ5300 طن من الغاز المنزلي. هذه الشحنة تأتي في إطار الجهود المستمرة لتلبية احتياجات تونس من الغاز في ظل موجة البرد القوية التي تجتاح البلاد. والتي تسببت في زيادة استهلاك الغاز المنزلي بشكل ملحوظ.

وأوضح صالح البرقاوي، مدير مركز شركة “عجيل غاز” في بنزرت، أن عمليات إفراغ الحمولة بدأت فور وصول السفينة. في الميناء الذي تملكه الشركة التونسية لتكرير النفط (ستير). وأضاف أن الفرق الفنية والإدارية للشركة بدأت على الفور في تعبئة الأسطوانات وتوزيعها على مختلف المناطق في الشمال والشمال الغربي، مما سيساهم في تهدئة السوق وتحقيق استقرار في توفر الغاز المنزلي.

تعتبر هذه الشحنة الثانية التي تصل إلى تونس خلال عشرة أيام فقط، في وقت يشهد فيه السوق المحلي ضغطًا متزايدًا بسبب انخفاض درجات الحرارة وتساقط الثلوج، وخاصة في المناطق الشمالية والغربية. الشحنة الأولى، التي وصلت نهاية ديسمبر الماضي، تقدر بـ5000 طن، وقد كانت من المفترض أن تسهم في تغطية احتياجات السوق التونسي إلا أن ظروفًا جوية سيئة عطلت وصولها. حيث علقت السفينة في البحر بسبب الرياح القوية والأمواج العاتية على سواحل بنزرت.

استجابة آنية

الجزائر، التي استجابت بسرعة للأزمة، قدمت هذه المساعدات في وقت عصيب. حيث دفعت موجات البرد والتساقط الكثيف للثلوج العديد من القرى إلى العزلة، مما أثر سلبًا على توافر وسائل التدفئة، لاسيما في مدن شمال وشمال غرب تونس.

هذه المبادرات هي بمثابة تجسيد لعمق التعاون بين الجزائر وتونس في مواجهة التحديات المناخية، وهي خطوة تضاف إلى سلسلة من الشحنات التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار في السوق التونسية، وضمان استمرار تدفق الغاز المنزلي في ظل الأوضاع الراهنة.

و قال تقرير نشرته وكالة الأناضول أمس الأربعاء 15 جانفي 2025، أن هذه المساعدات لم تكن هذه استثنائية. بل تأتي ضمن سلسلة من الدعم الاقتصادي الذي قدمته الجزائر لتونس على مدى السنوات الماضية.

ورجع التقرير الى سنة 2020، حين أودعت الجزائر مبلغ 150 مليون دولار في البنك المركزي التونسي. وتبع ذلك تقديم قروض ومنح بلغت قيمتها الإجمالية 330 مليون دولار بحلول نهاية عام 2022. إضافة إلى ذلك، وقع البلدان على 27 اتفاقية تعاونية في ديسمبر 2021، شملت مجالات حيوية مثل الأمن والطاقة والصناعة، ما يعكس عمق العلاقات الثنائية بينهما.

عمق الشراكة الاقتصادية والإنسانية

ذكرت وكالة الأناضول أن التعاون بين الجزائر وتونس يتجاوز الجانب الرسمي ليشمل الأبعاد الإنسانية والاجتماعية. وفي هذا السياق، أشار الإعلامي الجزائري نصر الدين بن حديد إلى أن “الأهم من القروض الرسمية هو غض الجزائر الطرف عن تمرير السلع الأساسية إلى تونس من قبل تونسيين يزورون الجزائر”. وأضاف: “من طبرقة إلى حزوة، الدخل الأساسي للتونسيين في المناطق الحدودية يعتمد بشكل كبير على الجزائر. علاوة على أن تونس تُعد وجهة أساسية للسياح الجزائريين”.

وفي تصريحات أخرى للوكالة، أفاد أيمن الرحماني، مدير الدراسات والتعاون الدولي بالديوان الوطني للسياحة التونسي. بأن “السوق الجزائرية حققت رقمًا قياسيًا في 2023، حيث تجاوز عدد السياح الجزائريين 3 ملايين من أصل 9.3 ملايين سائح زاروا تونس”.

الجزائر: الاستقرار أولًا

وكالة الأناضول نقلت عن بن حديد أن الجزائر تنظر إلى استقرار تونس باعتباره أولوية قصوى في ظل التوترات التي تحيط بحدودها الممتدة على أكثر من 6 آلاف كيلومتر. وأضاف أن “الجزائر تتعامل مع تونس بعيدًا عن أي اعتبارات أيديولوجية أو سياسية. حيث حافظت على علاقات جيدة مع الحكومات التونسية المتعاقبة، سواء خلال فترة حكم حركة النهضة أو مع الرئيس الحالي قيس سعيد”.

ويرى بن حديد أن دعم الجزائر لتونس لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يشمل أيضًا تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي. مشددًا على أن “تحسين القدرة الشرائية للمواطن التونسي جزء من رؤية الجزائر للحفاظ على الاستقرار في جارتها”.

وفي تعليق لوكالة الأناضول، قال وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس: “الجزائر تدرك أن استقرار تونس جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة”. وأضاف أن “الجزائر تؤمن بأنها تملك مفتاح تأسيس المغرب الكبير، بحكم مركزيتها الجغرافية وطاقاتها الاقتصادية”.

وأشار ونيس إلى أن “التواصل والتعاون بين البلدين يعكس وعيًا جديدًا بمسؤولية الجزائر في تحقيق التكامل الإقليمي”. كما شدد على أن العلاقات بين الجزائر وتونس تتسم بالعمق التاريخي والابتعاد عن التحيزات السياسية. وهو ما يعزز من متانة الشراكة الاستراتيجية بينهما.

أبعاد اقتصادية مترابطة

من جانبه، أوضح رضا الشكندالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تتسم بعدم التكافؤ. مشيرًا إلى أن “تونس تعتمد بشكل كبير على الغاز الجزائري لتلبية احتياجاتها الطاقوية”. وأضاف: “الاقتصاد لا يتحرك إلا بالطاقة، وهناك نوع من التبعية التونسية للجزائر، لا سيما في ظل العجز التجاري المتزايد”.

واختتم الشكندالي بالقول إن “الدعم الجزائري يظل عاملًا حيويًا لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن تونس. لكنه قد يثير تحديات متعلقة باتخاذ قرارات سياسية استراتيجية”.

يظل الدعم الجزائري لتونس مثالًا على العلاقات الثنائية المتينة التي تتجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية. وبينما تواجه تونس تحديات داخلية كبيرة، تبرز الجزائر كحليف استراتيجي يسعى لتحقيق استقرار المنطقة وتعزيز التعاون الإقليمي من منظور طويل الأمد.

أترك تعليق