الجزائر

سماء صافية °C 22

.هكذا يموّل المغرب اقتصاده من عائدات تجارة “القنب الهندي

يجني نحو 100 مليار دولار سنوياً.. هكذا يموّل المغرب اقتصاده من عائدات تجارة “القنب الهندي”..!

في الوقت الذي تتجّه فيه بلدان العالم إلى وضع منظومات قانونية وتشريعية “أكثر متانةً وصرامة” للحد من تفشي تجارة واستهلاك المخدرات بأنواعها المختلفة، الصلبة منها وغير الصلبة كالكوكايين، الهيروين، القنب هندي.. إلى الأدوية والمهلوسات، في إطار المساعي إلى حصر منابع الإجرام وتجفيف شبكاته دولياً، اصطدم الرأي العام العالمي مطلع العام 2021، بعرض ومصادقة البرلمان المغربي على نص قانون يجيز الاستثمار والإنتاج لمادة “القنب الهندي” المخدّرة، وفق شروط يحددّها المشرّع المغربي، لتدحض بذلك كافة الادعاءات والمزاعم بشأن جهود المملكة في مكافحة تجارة وتهريب المخدرات، سواء بالتنسيق والتعاون مع بلدان الجوار أو مع المنظمات الأممية، وفق ما تنصّ عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية.

وتشير تقارير عديدة لمنظمات أممية وأخرى لهيئات حكومية وغير حكومية، أن الاقتصاد المغربي أضحى يتنفس بشكل أساسي من عائدات وأرباح إحدى النشاطات الإجرامية “المحظورة” دولياً، وهي زراعة وتهريب مادة “القنب الهندي” المخدّرة، التي تدرّ على الاقتصاد المغربي نحو 23 مليار دولار إلى ما يقارب 100 مليار دولار سنوياً، لتجعل منه كأوّل أو ثاني النشاطات الإنتاجية درّا للعائدات بالنسبة للخزينة، وفق تقديرات خبراء وعارفين بخبايا هذا النشاط.

ذكر تقرير لوزارة الخارجية الأميركية صدر مطلع العام 2017، أن” نسبة إنتاج القنب في المغرب قد ارتفعت سنة 2016؛ ليدخل إلى خزينة المغرب قرابة 100 مليار دولار، أي ما يعادل 93 مليار يورو”، وفق إحصائيات لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، الذي توقع حينها أن إنتاج الحشيش في المغرب قد بلغ 700 طن”، مشيراً إلى أنّ “إنتاج القنب في المغرب يشكل نسبة 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة”، ما يعني أنّ تجارة وتهريب المخدّرات أضحت النشاط الأوّل أو الثاني الأكثر ضخاًّ لعائدات العملة الصعبة بالنسبة للمغرب، والذي سيتم تحويلها أساساً لتمويل الاقتصاد وإنشاء الاستثمارات والبنى التحتية والقاعدية.

ويحتلّ المغرب المركز الأول عالمياً في إنتاج وتصدير مادة القنب الهندي المخدّرة، وفق التقرير السنوي، الصادر عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، التابعة للأمم المتحدة سنة 2016، بزراعته أكثر من 47 ألف هكتار من القنب الهندي عام 2013، تم حصاد 42 ألفا منها، فيما تم تدمير 5 آلاف هكتار فقط، ليكون بذلك واحداً من أكبر منتجي القنب الهندي في العالم. وفي 2018، بلغ إنتاج المغرب من هذه المادة “المحظورة دولياً” ما مجموعه 713 طن، ومساحة مزروعة تتراوح ما بين 37 ألف إلى 50 ألف هكتار. ويُتوقع أن يجني المغرب رواجاً مالياً يتراوح بين 7.1 و10 مليارات دولار من عائدات التجارة “المشروعة” للقنب الهندي بحلول عام 2023، فيما تبقى عائداته “غير المشروعة” “غامضة إلى حدٍّ كبير”، قد تتجاوز عتبة 23 إلى 100 مليار دولار سنوياً، وفق تقرير سابق للخارجية الأمريكية.

وتخوض الجزائر اليوم، بالاعتماد على أربعة أجهزة أمنية، “حرباً ضروساً” على “مافيا المخدّرات” الناشطة على نطاق واسع بالمغرب، والتي تسعى باستمرار إلى إغراق الجزائر بمادة القنب الهندي وأصناف لعقاقير أخرى مخدّرة، رغم إدعاءات ومزاعم المملكة بشأن إمكانية بناء وتجسيد تعاون مشترك ووثيق لدحر نشاط هذه الشبكات، حيث لجأت الجزائر إلى تعزيز منظومتها الأمنية لتتلاءم أكثر مع هذه التحديات والرهانات الجديدة على المستوى المنطقة الغربية للبلاد، والتي أضحت تضبط وتطيح في كل مرة، خلال عملياتها الميدانية، بعصابات ومافيا دولية تنشط في تهريب وتجارة المخدرات المغربية، إلى جانب ضبط أطنان من القنب الهندي كل سنة.

ففي 2013 مثلاً، بلغت كمية القنب الهندي المهرّب من المغرب، التي ضبطتها مختلف أجهزة الأمن والجمارك الجزائرية، أكثر من 127 طنًا خلال الأشهر الثمانية الأولى فقط، بحسب ما أعلن الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها. ومن الفترة الممتدة من 2003 إلى 2013، بلغت كمية القنب الهندي المحجوزة في الجزائر، والقادمة من المغرب، 614 طناً، وانتقلت من أكثر من 8 أطنان سنة 2008 إلى أكثر من 211 طنا سنة 2013، أي بزيادة بنسبة تفوق 2500 في المائة، لتتخطى عتبة 109 طن سنة 2016، وفق بيانات الديوان.

 أما بيانات قيادة الدرك الوطني في الجزائر، فقد سجلت في سنة 2016، قيام المغرب بإغراق الجزائر بمئات الأطنان من المخدرات، وتوريط الآلاف من الجزائريين في تهريب والاتجار بهذه الممنوعات بما فيها الكوكايين والهروين، مشيرةً إلى أن “المغرب  ضخ أكثر من 800 طن من المخدرات نحو الجزائر خلال اثنا عشر سنة الماضية، متهمةً المغرب بتحويل الجزائر من بلد عبور إلى بلدٍ مستهلك لمختلف أصناف المخدرات، بما فيها المخدرات الصلبة، منها على غرار الكوكايين والهيروين والاكستازي.

 وخلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية (2021)، تمكنت المصالح الأمنية من حجز أكثر من 25 طن من القنب الهندي في الجزائر، تمثل المغرب المصدر الأوّل لهذه الشحنات. وتعدّ هذه العمليات النوعية بمثابة “ضربة موجعة” لمنتجي مادة القنب الهندي بالمغرب، لاسيما وأنّ هذه الشبكات الإجرامية تحاول أن تجعل من الجزائر معبراً برياً لقوافلها إلى الجانب الآخر من القارة السمراء، بعد إغراق السوق المحلية بهذا المادة المحظورة دولياً.

هذا، ويمثّل نشاط تهريب المخدرات عبر الجزائر، “اقتصاداً مواز، حيث تتمتع العصابات بقدرات مالية ضخمة، إذ تبلغ قيمة كميات الحشيش التي حُجزت في الجزائر، القادمة من المغرب على وجه الخصوص، ما لا يقل عن 400 مليون يورو، باعتبار أن سعر الكيلوغرام الواحد يزيد عن 4 آلاف يورو”، وفق تقديرات خبراء. وأوضح فحوى التقرير السنوي الصادر عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، التابعة للأمم المتحدة، سنة 2014، أن 32 في المائة من إجمالي الحشيش المهرب في العالم، تم ضبطه في الجزائر أساساً والمغرب.

وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة للمغرب، والصعوبات المالية التي بات يواجهها بعد تزايد مستويات البطالة وتهاوي القدرة الشرائية، وشح العائدات المالية، تم التوقع بأن يعاني الاقتصاد المغربي سنة 2020 ركوداً بمعدل 5,2 في المائة، هو الأشد منذ 24 عاما، بسبب تداعيات جائحة “كوفيد-19″، وتأثيرات الجفاف على القطاع الزراعي، حيث سارعت المملكة إلى تخصيص مبلغ 12,8 مليار دولار، لإنعاش اقتصادها المغربي المتضرر.

ع.ح

أترك تعليق