الجزائر

سماء صافية °C 22

هل سيتضرّر الإقتصاد المغربي من تبعات قطع الجزائر لعلاقاتها الدبلوماسية مع الرباط؟

يبدو أن إعلان الجزائر رسمياً، أمس، على لسان وزير شؤون خارجيتها، رمطان لعمامرة، قطع كافة علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، بعد سلسلة من الاستفزازات غير الودية والأعمال العدائية المتكرّرة، سيرمي بضلاله لا محالة على القطاع الاقتصادي، في وقت تشير فيه التقارير إلى أنّ واردات المملكة من الجزائر تتخطّى عتبة 500 مليون دولار، وفقًا لقاعدة بيانات سابقة للأمم المتحدة COMTRADE بشأن التجارة الدولية، بالرغم من تراجع إجمالي الواردات بسبب وقف المغرب استيراد النفط الجزائري الخام بسبب إغلاق مصفاة “لاسامير” المغربية.

وتشير البيانات إلى أن الاقتصاد المغربي ذو ارتباط وثيق بصادرات الجزائر من النفط ومشتقاته، إلى جانب إمدادات الغاز الطبيعي، والتي تتيح له سد حاجياته من الطاقة والصناعات، حيث بلغت وارداته 499.06 مليون دولار أمريكي، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة COMTRADE بشأن التجارة الدولية للعام 2019، فيما بلغت صادرات المغرب إلى الجزائر 158.98 مليون دولار أمريكي فقط، ما يعني أن هناك عجز تجاري بين البلدين لصالح الجزائر التي تتمتع بفائض يصل إلى 341 مليون دولار أمريكي.

ويستورد المغرب من الجزائر عدة منتجات، على رأسها مشتقات النفط، الوقود المعدني، إلى جانب الزيوت ومنتجات التقطير، حيث بلغت وارداته عام 2016 حوالي 482 مليون دولار حسب أرقام 2016.

ثم تأتي في المرتبة الثانية المواد الكيميائية غير العضوية، مركب المعادن الثمينة، النظائر بقيمة 10.8 مليون دولار أمريكي، ثم فواكه صالحة للأكل، مكسرات، قشور حمضيات، التمور بقيمة 2.01 مليون دولار أمريكي.

وهذا يعني أن أغلب الصادرات الجزائرية إلى المغرب ترتبط بالنفط والمحروقات والمواد التي تستخدمها المملكة لإنتاج الكهرباء أو سد احتياجاتها من الطاقة.

إلى جانب ذلك، فإن قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب، سيعصف دون شك بإمدادات الغاز الجزائري العابرة لأراضي المملكة نحو شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا، البرتغال)، عبر خط أنابيب “المغرب العربي –أوروبا”، وهو الذي كان يزوّد المغرب بإمدادات مقدرة ب 800 مليون متر مكعب من الغاز لسد احتياجاته الخاصة، تضاف إليها الرسوم التي يفرضها في إطار + حقوق مرور+ أنبوب الغاز، في وقت تشير البيانات إلى أن المغرب اليوم بحاجة إلى قرابة 01 مليار مكعب من الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات مصانعه، ما سيجعل استيراد الغاز عبر سفن الشحن الآلية الوحيدة المتبقية له، بعد انتهاء عقد الامتياز لأنبوب  الغاز الجزائري العابر لأراضيه نحو بلدان أوروبا، وسط التوقعات في عدم تجديده مجدّداً، بسبب ما ألت إليه العلاقات الثنائية، الناجمة أساساً عن تواصل الأعمال العدائية المتكررة للمغرب تجاه المصالح الجزائرية.

هذا، وتتضمن واردات المغرب من الجزائر أيضا الزجاج والأواني الزجاجية، الحجر أو الجص أو الأسمنت أو الأسبستوس أو الميكا أو المواد المماثلة إضافة إلى الزيوت العطرية والعطور ومستحضرات التجميل وأدوات النظافة وبعض المستلزمات الأخرى للمنازل والشوارع لكنها لا تشكل من التجارة بين البلدين سوى نسبة قليلة جداً.

وبلغت صادرات المغرب إلى العالم في عام 2020 نحو 27.7 مليار دولار، مما يعني أن نسبة الصادرات المغربية إلى الجزائر بلغت نصف في المائة من إجمالي صادرات المغرب إلى العالم بحسب International Trade Centre.

ويأتي الحديد والصلب كأكثر المنتجات تصديراً من المغرب إلى الجزائر خلال عام 2020 بإجمالي 38.3 مليون دولار، يليها منتجات الأسمدة بإجمالي 18.3 مليون دولار ثم اكسسوارات الملابس بإجمالي 16.4 مليون دولار.

أمّا بالنسبة لصادرات الجزائر إلى المغرب، فقد بلغت عام 2018 نحو 742 مليون دولار، ولكن تراجع هذا الرقم في عام 2019 ليصل إلى 515 مليون دولار، وتراجع أيضًا في عام 2020 ليسجل 433.4 مليون دولار.

وفي 2020، بلغت صادرات الجزائر إلى العالم نحو 20.9 مليار دولار، مما يعني أن نسبة الصادرات الجزائرية إلى المغرب بلغت 2 في المائة من إجمالي صادرات الجزائر إلى العالم بحسب International Trade Centre.

  وشكّلت منتجات الوقود والزيوت المعدنية هي الأكثر تصديراً من الجزائر إلى المغرب خلال عام 2020، بإجمالي 368 مليون دولار، يليها الفواكه والمكسرات بإجمالي 29 مليون دولار، ثم منتجات الكيميائية العضوية والغير عضوية بإجمالي 16.6 مليون دولار.

وفي مقارنة بين الاقتصاد الجزائري ونظيره المغربي، فإنّ حجم الاقتصاد الجزائري بلغ 151.46 مليار دولار سنة 2020، مقابل 124 مليار دولار لصالح الاقتصاد المغربي، وفق بيانات لصندوق النقد الدولي (أفامي)، نشرتها مجلة “فوربس” الأمريكية.

أمّا بالنسبة لتوقعات النموّ الاقتصادي للعام 2021، فقد توقع صندوق (الأفامي) نموّاً قدره 2.9 في المائة في الجزائر، و4.5 في المائة بالنسبة للمغرب، إلى جانب ارتفاع التبادلات التجارية بنسبة 1.7 في المائة بالنسبة للجزائر، و0.6 في المائة فقط بالنسبة للمغرب.

كما تطرّق الصندوق إلى المديونية الخارجية للجزائر والمغرب، أين كشف بأنّه “ليس للجزائر أي مديونية خارجية، حيث لم تم بأي استدانة للقروض من المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي (أفامي)، والبنك الدولي، إلى جانب مؤسسات مالية إفريقية أخرى، وهذا بغرض تمويل اقتصاده، بينما بلغت مديونية المغرب 41.2 مليار دولار، ما يجعله رهيناً للمؤسسات المالية الدولية، وخياراته في المناورة خارج نطاقها ضئيل.

وطمأن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، الشعب الجزائري والمغربي من تبعات قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين،

مشيراً إلى أنّ “قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني أن يتضرر المواطنون الجزائريون والمغاربة. القنصليات تباشر عملها بصفة طبيعية”.

وأضاف: “نطمئن المواطنين الجزائريين في المغرب والمغاربة في الجزائر أن الوضع لن يؤثر عليهم. قطع العلاقات يعني أن هناك خلافات عميقة بين البلدين لكنها لا تمس الشعوب”.

وبنت الجزائر قرار القطيعة الدبلوماسية مع الرباط على عدد من الأسباب لخصها وزير الخارجية، رمطان لعمامرة بقوله: “ثبت تاريخياً، وبكل موضوعية، أن المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن القيام بأعمال “غير ودية” و”أعمال عدائية ودنيئة” ضد بلدنا، وذلك منذ استقلال الجزائر في 1962″.

عبدو.ح

أترك تعليق